الأحد, 2024-05-05, 9:14 PM
أهلاً بك ضيف | التسجيل | دخول

موقعي

قائمة الموقع
بحث
طريقة الدخول

التقويم
«  يونيو 2014  »
إثثأرخجسأح
      1
2345678
9101112131415
16171819202122
23242526272829
30
آرشيف السجلات
تصويتنا
قيم موقعي
مجموع الردود: 8
صندوق الدردشة
أصدقاء الموقع
  • إنشاء موقع مجاني
  • منتدى الدعم والمساعدة
  • افضل 100 موقع
  • Facebook
  • Twitter
  • مقالات تقنية

  • 1:15 AM
    الطاغوت في واقعنا المعاصر

    اعلم رحمك الله تعالى أنَّ رأس الأمر وأصله وعموده، وأول ما افترض الله على ابن آدم تعلمه والعمل به، قبل الصلاة والزكاة وسائر العبادات، هو الكفر بالطاغوت واجتنابه، وتجريد التوحيد لله تعالى. فلأجل ذلك خلق الله سبحانه الخلق وبعث الرسل وأنزل الكتب وشرع الجهاد والاستشهاد... ومن أجله كانت الخصومة بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، ومن أجله أصلاً تقوم الدولة الإسلامية والخلافة الراشدة... قال تعالى: {وما خلقتُ الجن والإنس إلا ليعبدون}(1) أي: ليعبدونني وحدي.. وقال تعالى: {ولقد بعثنا في كلِّ أمةٍ رسولاً أنِ اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}(2).
    وهذا الأمر أعظم عروة من عُرى الإسلام، و لاتقبل دعوة ولا جهاد ولا صلاة ولا صيام ولا زكاة ولا حج إلا به، ولا يمكن النجاة من النار دون التمسك به، إذ هو العروة الوحيدة التي ضمن الله تعالى لنا ألا تنفصم... أما ما سواها من عُرى الدين وشرائعه فلا تكفي وحدها دون هذه العروة للنجاة... قال تعالى: {قد تبيَّن الرُّشد مِن الغَيِّ فمن يكفر بالطاغوت ويُؤمن بالله فقد استمسك بالعُروة الوُثقى لا انفصام لها...}(3).
    وقال سبحانه: {والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهمُ البشرى فبشر عباد}(4).
    وتأمل كيف قدّم الله الكفرَ بالطاغوت واجتنابه في الذكر على الإيمان به والإنابة إليه سبحانه.. تماماً كما قدم النفي على الإثبات في كلمة التوحيد (لا إله إلا الله)... وما ذلك إلا تنبيهاً على هذا الركن العظيم من هذه العروة الوثقى، فلا يصح الإيمان بالله ولا ينفع إلا بالكفر بالطاغوت أولاً...
    والطاغوت الذي يجب عليك أن تكفر به وتجتنب عبادتَه لتستمسك بعروة النجاة الوثقى ليس فقط أحجاراً وأصناماً وأشجاراً وقبوراً تُعبد بسجود أو دعاء أو نذر أو طواف وحسب... بل هو أعم من ذلك... فيشمل (كلَّ معبودٍ عُبِد من دون الله تعالى بأي نوعٍ من أنواع العبادة وهو غير منكر لذلك)(5).
    فالطاغوت مشتق من الطغيان وهو مجاوزة المخلوق حده الذي خلقه الله له... والعبادة أنواع، فكما أن السجود والركوع والدعاء والنذر والذبح عبادة فكذلك الطاعة في التشريع عبادة... قال تعالى عن النصارى: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله}(6). وهم لم يكونوا يسجدون أو يركعون لأحبارهم... لكن أطاعوهم في تحليل الحرام وتحريم الحلال وتواطؤوا معهم على ذلك فجعل الله تعالى ذلك اتخاذاً لهم أرباباً... لأن الطاعة في التشريع عبادة لا يجوز أن تُصرف لغير الله... فلو صرفها المرء لغير الله تعالى ولو في حُكمٍ واحدٍ كان بذلك مشركاً...
    ويدل على هذا دلالة واضحة تلك المناظرة التي حصلت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان في شأن الميتة وتحريمها، حيث أراد المشركون أن يُقنعوا المسلمين بأنه لا فرق بين الشاة التي يذبحها المسلمون وبين الشاة التي تموت وحدها، بحجةٍ وشبهةٍ أنَّ الميتة إنما ذبحها الله تعالى، فأنزل الله تعالى حكمه في هذه الواقعة من فوق سابع سماءٍ فقال تعالى: {وإن أطعتموهم إنكم لمشركون}(7).
    فيدخل في مسمى الطاغوت كلُّ من جعل من نفسه مُشرِّعاً مع الله سواء كان حاكماً أو محكوماً، نائباً في السلطة التشريعية أو منوباً عنه ممن انتخبوه... لأنه قد جاوز بذلك حده الذي خلقه الله تعالى له، إذ هو خُلق عبداًلله، وأمره مولاه أن يستسلم لشرعه فأبى واستكبر وطغى وتعدّى حدود الله تعالى، فأراد أن يَعْدِل نفسَهُ بالله ويُشاركه بصفة التشريع التي لا يجوز أن يُوصف بها غير الله عز وجل... وكل من فعل ذلك فقد جعل من نفسه إلهاً مُشرِّعاً، وهذا لاشك من رؤوس الطواغيت التي لا يصح توحيد المرء وإسلامُهُ حتى يكفر بها ويجتنبها ويبرأ من عبيدها وأنصارها...
    قال تعالى: {يُريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أُمِروا أن يكفروا به}(.
    يقول مجاهد: (الطاغوت.. الشيطان في صورة الإنسان يتحاكمون إليه وهو صاحب أمْرِهِم).
    ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ: (ولهذا سُمِّيَ من تُحوكِم إليه من حاكمٍ بغير كتاب الله: طاغوت)(9).
    ويقول ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ: (الطاغوت كلُّ ما تجاوز به العبدُ حدَّه من معبودٍ أو متبوعٍٍ أو مُطاعٍٍ؛ فطاغوتُ كلِّ قومٍ مَنْ يتحاكمون إليه غيرَ الله ورسوله، أو يعبدونه من دون الله، أو يتبعونه على غير بصيرة من الله، أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعةٌ لله)(10).
    ويقول أيضاً: (من تحاكم أو حاكم إلى غير ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فقد حكّم الطاغوت وتحاكم إليه)(10).
    فمن أنواع الطواغيت المعبودة من دون الله تعالى في هذا الزمان، والواجبُ على كلِّ موحِّد أن يكفر بها ويتبرأ منها ومن أتباعها ليستمسك بالعروة الوثقى وينجوَ من النَّار؛ هذه الآلهة الزائفة والأرباب المزعومون الذين اتخذهم كثيرٌ من الخلق شركاء مشرِّعين من دون الله تعالى... {أمْ لهم شُركاءُ شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمةُ الفصل لقُضِيَ بينهم...}(11). حيث تابعوهم على جعل التشريع حقاً وصفةً لهم ولبرلماناتهم وهيئاتهم الحاكمة الدولية أو الإقليمية أو المحلية... ونصوا على ذلك في قوانينهم ودساتيرهم وهو معروفٌ مشهورٌ عندهم(12) فكانوا بذلك أرباباً لكلِّ من أطاعهم وتابعهم وتواطأ معهم على هذا الكفر والشرك الصُراح كما حكم الله تعالى على النصارى لما تابعوا الأحبار والرهبان في مثل ذلك... بل حال هؤلاء شرٌّ وأخبث لأن أولئك الأحبار فعلوه وتواطؤوا عليه ولم يُقننوه أو يُنظموه، ولا جعلوا له دساتير وكتباً ومراسيم، يُعاقب الخارج عنها والطاعن فيها، ويعدلون بها كتاب الله بل تُهيمن وتحكم عليه، كما هو حال هؤلاء...
    إذا فهمتَ هذا، فاعلم أن أعظمَ درجاتِ التمسك بهذه العروة الوثقى وأعلى مراتب الكفر بالطاغوت، هو ذِروة الإسلام، أعني جهاده، وجهاد أوليائه وأتباعه والسعي لهدمه، وإخراج النّاس من عبادته إلى عبادة الله سبحانه وحده... ومِن ذلك الصدع بهذا الحق وإعلانه كما كان شأن الأنبياء وطريقتهم التي بيّنها الله تعالى لنا أحسنَ بيان، عندما أمرنا بالإقتداء بملَّة إبراهيم ودعوته فقال: {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه (13) إذ قالوا لقومهم إنا بُرءاؤا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تُؤمنوا بالله وحده}(14). فقوله: {بدا} أي ظهر وبان... وتأمل تقديمَ العداوة على البغضاء، لأنها أهم لأنَّ الإنسان قد يُبغض أولياءَ الطاغوت ولا يُعاديهم فلا يكون آتياً بالواجب عليه حتى تحصل منه العداوة والبغضاء...
    وتأمل كيف ذكر الله تعالى براءتهم من الأقوام المشركين قبل البراءة مما يعبدون لأنَّ الأولى أهم من الثانية... وذلك لأن كثيراً من النَّاس قد يتبرء من الأصنام والطواغيت أو الدساتير والقوانين والأديان الباطلة ولا يتبرأ من عبيدها وأنصارها وأشياعها... فلا يكون آتياً بالواجب... لكن إذا تبرأ من عبيدها المشركين فهذا يستلزم البراءة من معبوداتهم وأديانهم الباطلة... (15).
    أما أدنى تلك الدرجات الواجبة على كلِّ مُكَلَّفٍ، ولا ينجو المرءُ إلا بها... فهي اجتنابُ الطاغوت وعدم عبادته أو مُتابعته على شركه وباطله.. قال تعالى: {ولقد بعثنا في كلِّ أمةٍ رسولاً أنِ اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}(16). وقال تعالى: {واجتنبوا الرجس من الأوثان}(17). وقال عن دعاء إبراهيم: {واجْنُبْنِي وبنيّ أن نعبد الأصنام}(18). وهذا إنْ لم يحققه المرءُ في الدنيا فيجتنبَ الطاغوت وعبادته أو متابعته الآن، فسيكون في الآخرة من الخاسرين... ولن ينفعه أو يُغنيَ عنه وقتها شيء آخر من الدين إن فرط بهذا الأصل الأصيل، وسيندم حين لا ينفع الندم حيث سيتمنى لو يرجع إلى الدنيا ليحقق هذا الركن العظيم وليستمسك بهذه العروة الوثقى، ويتبع هذه الملّة العظيمة...
    قال تعالى: {إذْ تبرأ الذين اتُّبِعوا من الذين اتَّبعوا ورأوُا العذاب وتقطَّعت بهمُ الأسباب * وقال الذين اتَّبَعوا لو أن لنا كرةً فنتبرأ منهم كما تبرءُوا منا كذلك يُريهِمُ الله أعمالهم حسراتٍ عليهم وما هم بخارجين من النار}(19).
    لكن هيهاتَ... هيهات، قد فات الأوان وليس مِن كَرةٍ ولا رجعةٍ إلى الدنيا، فإن كنتَ يا عبد الله ترومُ النّجاة وترجو رحمة ربّك التي كتبها للذين يتقون فاجتنب الطواغيت كلَّها، واتقِ شركهم الآن الآن... فإنه لا يجتنبهم يوم القيامة وينجو من مصيرهم في الآخرة إلا مَن فارقهم واجتنبهم في الدنيا... أما من رضي بدينهم الباطل وتابعهم عليه فإنَّ منادياً في عرصات القيامة يُنادي: (من كان يعبدُ شيئاً فليتبعه، فيتبعُ من كان يعبدُ الشمس الشمس، ويتبعُ من كان يعبدُ القمر القمر، ويتبعُ من كان يعبدُ الطواغيت الطواغيت..) إلى قوله في الحديث عن المؤمنين حين يقال لهم: (ما يحبسكم وقد ذهب النّاس؟ فيقولون: فارقناهم ونحن أحوج منا إليه اليوم، وإنا سمعنا منادياً ينادي، ليلحق كلُّ قومٍ بما كانوا يعبدون وإنما ننتظر ربَّنا)(20).
    فتأمل قولَ المؤمنين: (فارقناهم ونحن أحوجُ منا إليه) أي: فارقناهم في الدنيا... ونحن نحتاج إلى درهمهم ودينارهم وأمور دنياهم... فكيف لا نفارقهم في هذا المقام العظيم... ففي هذا بعض معالم الطريق... ومنه قول الله تعالى: {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون}(21). أزواجهم أي: أمثالهم وقرناءهم وأشياعهم وأنصارهم على باطلهم... ثم يقول الله تعالى بعد ذلك: {فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون إنا كذلك نفعل بالمجرمين إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون}(22).
    فإياك يا عبد الله أن تُعرض عن كلمة التوحيد وتُفرّط في إثبات ما أثبتته ونفيِ ما نفته وتستكبر عن اتباع الحق وتصر على نُصرة الطاغوت فتكون مع الهالكين... وتُشاركهم في مصيرهم...
    ثم اعلم أنَّ الله تعالى ضمّن هذا التوحيد الخالص وهذا الأصلَ الأصيل؛ دين الإسلام، واصطفاه لعباده الموحِّدين، فمن جاء به قُبِلَ منه، ومن جاء بغيره من الأديان رد في وجهه وكان من الخاسرين... قال تعالى: {ووصى بها إبراهيمُ بنيه ويعقوبُ يا بنيَّ إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتُنَّ إلا وأنتم مسلمون}(23).
    وقال تعالى: {إنَّ الدينَ عِندَ الله الإسْلاَم}(24).
    وقال: {ومَن يَبتغِ غيرَ الإسلام ديناً فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}(25).
    وإياك أن تُحَجِّر لفظةَ الدين فقط على النصرانية واليهودية ونحوِها... فتتبع غيرها من الأديان الضالة فتضل... فهي تشملُ كلَّ ملّةٍ أو منهجٍ أو نظامَ حُكمٍ أو قانونٍ من القوانين التي يتبعها الخلق ويدينون لها... فكلُّ ذلك أديان يجب البراءة منها واجتنابها... والكفر بها واجتناب أهلها... حاشى ملَّةَ التوحيد ودين الإسلام... قال تعالى آمراً لنا أنْ نقول لكلِّ الكفار على اختلاف ملّلهم ونحلّهم: {قل يا أيها الكافرون * لا أعبدُ ما تعبدون... إلى قوله تعالى.. لكم دينكم ولي دين}... فكلِّ ملَّةٍ من ملل الكفر اجتمعت على نظام ومنهاج يُخالف ويُضاد دين الإسلام فهو دينهم الذي ارتضوه... فيدخل في ذلك الشيوعية والإشتراكية والعلمانية والبعثية ونحوها من المبادئ والمناهج المبتدعة التي اخترعها الخلق بأفكارهم المتهافتة وارتضوها أدياناً لهم

    (1) سورة الذاريات، الآية 56.
    (2)سورة النحل، الآية 36.
    (3) سورة البقرة، الآية 256.
    (4) سورة الزمر، الآية 17.
    (5) يخرج بهذا القيد، من عُبِد من الملائكة والنبيين والصالحين وهو غير راضٍ بعبادته.. فلا يُسمى طاغوتاً ولا يُتبرء منه ولكن يُتبرء من عبادته وممن عبدوه كعيسى بن مريم عليه السلام.
    (6) سورة التوبة، الآية 31.
    (7) سورة الأنعام، الآية 121. وراجع سبب نزول هذه الآية، فقد رواه الحاكم في مستدركه عن ابن عباس بإسناد صحيح.
    ( سورة النساء، الآية 60.
    (9) مجموع الفتاوى: ج28 ص201.
    (10) اعلام الموقعين عن ربِّ العالمين: ج 1 ص 50.
    (11) سورة الشورى، الآية 21.
    (12) نص المادة رقم 51 من الدستور الكويتي: (السلطة التشريعية يتولاها الأمير ومجلس الأمة وِفقاً للدستور). وأختها غير الشرعية في الدستور الأردني المادة رقم 25: (تُناط السلطة التشريعية بالملك ومجلس الأمة). ومثلها في الدستور المصري المادة رقم 86: (يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع).
    ( 13) قال بعض المفسرين {الذين معه}: أتباعه أو الأنبياء الذين على طريقته.
    (14) سورة الممتحنة، الآية 4.
    (15) مستفاد من: (سبيل النجاة والفكاك من موالاة المرتدين وأهل الإشراك) لحمد بن عتيق... وراجع رسالتنا: (ملّة إبراهيم ودعوة الأنبياء والمرسلين وأساليب الطغاة في تمييعها وصرف الدعاة عنها). طبع النور للإعلام الإسلامي.
    (16) سورة النحل، الآية 36.
    (17) سورة الحج، الآية 30.
    (18) سورة إبراهيم، الآية 35.
    (19) سورة البقرة، الآيتان 166-167.
    (20) متفق عليه؛ جزءٌ من حديث رؤية المؤمنين لربّهم يوم القيامة.
    (21) سورة الصافات، الآية 22.
    (22) سورة الصافات، الآيات 33-35.
    (23)سورة البقرة، الآية 132.
    (24) سورة آل عمران، الآية 19.

    (25) سورة آل عمران، الآية 85.

    مشاهده: 493 | أضاف: Admin | الترتيب: 5.0/1
    مجموع التعليقات: 0